لماذا وإلى أين ؟

أزرف ن تمغارت تمازيغت: النفقة

سلسلة “أزرف ن تمغارت تمازيغت” هي نافذة تمكن قراء وزوار الصحيفة الرقمية “آشكاين” التعرف على قيمة وأهمية المرأة لدى الأمازيغ في كل مناحي الحياة، إن على المستويات الإجتماعية؛ الثقافية، الإقتصادي وحتى السياسية، كما أنها (السلسلة) مناسبة للتطرق للنقاش الدائر اليوم حول إصلاح مدونة الأسرة بمنظور أمازيغي يتأسس على العرف الذي كان ينظم مجمتع القبائل المغربية الأمازيغية.

أزرف ن تمغارت تمازيغت: الحلقة 11 .. النفقة

في سياق تعديل مدونة الأسرة الذي تشهده المملكة في الوقت الراهن، كان لازما التطرق إلى مجموعة من الموضوعات الخلافية أو الموضوعات التي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها حتى تجد لها اعتبارا لدى المعنيين بهذا الإصلاح، ومن هذه الموضوعات ما يتعلق بنفقة الرجل على أسرته وما يمنحه ذلك من سلطة.

المفكر أحمد عصيد

في هذا الإطار، يرى المفكر؛ أحمد عصيد، أن النفقة في الثقافة والفقه الإسلاميين تمثل عنصر قوة العنصر الذكوري، فالرجل هو الذي “ينفق” من ماله الذي يربحه من عمله خارج البيت، ولأن المرأة تتكفل بأعباء الأسرة داخليا، فإن عملية الإنفاق على المرأة والأبناء تجعل منه “رب” الأسرة الوحيد، مما يعطيه سلطة معنوية ومادية، تتمظهر في استقلاله بالرأي والقرار، وفي ممارسته لسلطة التسيير التي لا تخلو من سلطوية وعنف في بعض الأحيان، ولهذا جعل الفقه الإسلامي المرأة ملحقا بالرجل الذي يحتل المركز، كما أوجب على المرأة “طاعة” الزوج حتى يكون رأيه هو السائد، وأوامره موضع تسليم. ولهذا استعملت كلمة “نشوز” للحديث عن سلوك المرأة التي تشق عصا الطاعة، وتسعى إلى التعبير عن شخصية قوية أمام الزوج.

ويلاحظ بأنه في حالة وجود خلاف أو انفصال أو طلاق تتوقف معه الممارسة الجنسية، فإن الرجل يتوقف فورا عن الإنفاق، ذلك لأن كل ما يقدمه الرجل بدءا بالمهر ثم النفقة وأخيرا “المتعة” بعد الطلاق، يدل على أن الزواج مبني في الوعي الإسلامي على هدفين: استمتاع الرجل بالمرأة واستمرار النسل.

نفهم من هذا ما يجري اليوم في المحاكم المغربية، حيث يودع عدد كبير من الرجال في السجون سنويا بسبب امتناعهم عن أداء النفقة على أطفالهم بعد الطلاق، لأن في الذهنية العامة للرجال ثبت أن أي إنفاق إنما يرتبط بالممارسة الجنسية، وعندما ينفصل الرجل عن زوجته، يصبح كل اهتمامه موجها نحو امرأة أخرى، وفي نفس الوقت، يصبح كل نفوره من المرأة السابقة، وما يرتبط بها من أطفال، وكأن مشاعر الأبوة تتلاشى تماما.

وإذا كانت وضعية المرأة العاملة في أيامنا هذه تسمح لها بأن تتحمل قسطا من النفقة على أبنائها بعد الطلاق، إلا أن جهودها لا تكفي في كثير من الأحيان لسد حاجات الأطفال، مما يجعل مساهمة الأب في النفقة على أبنائه ضرورية. وسيكون على الدولة المغربية تدقيق المضامين المتعلقة بالنفقة حتى لا يكون ثمة إضرار بمصالح الأطفال الذين يكونون في الغالب ضحايا الخلاف بين الأبوين.

كما يتعين على الدولة عدم الاكتفاء بتدقيق النصوص، حيث سيكون عليها أن تعمل على تحسيس المجتمع بأهمية النفقة سواء بالنسبة للرجل أو للمرأة العاملة خارج البيت أو غيرها، خاصة وأن منظومة العلاقات التقليدية التي كانت تكفل المرأة والأطفال في حالة اختفاء الزوج أو عجزه عن القيام بواجباته تجاه أطفاله، قد تفككت بشكل كبير.

الحلقة 1: أزرف ن تمغارت تمازيغت: الإرث

الحلقة 2: أزرف ن تمغارت تمازيغت: الولاية القانونية على الأبناء

الحلقة 3: أزرف ن تمغارت تمازيغت: الأموال المكتسبة

الحلقة 4: أزرف ن تمغارت تمازيغت: العنف الزوجي

الحلقة 5: أزرف ن تمغارت تمازيغت: الإجتهاد الفقهي في قضايا المرأة

الحلقة 6: أزرف ن تمغارت تمازيغت: تقسيم الشغل بين الرجل والمرأة

الحلقة 7: أزرف ن تمغارت تمازيغت: تعدد الزوجات

الحلقة 8: أزرف ن تمغارت تمازيغت: تزويج الطفلات

الحلقة 9: أزرف ن تمغارت تمازيغت: الوساطة الأسرية

الحلقة 10: أزرف ن تمغارت تمازيغت: الخطبة 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x