2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
يسر جريدة “آشكاين” الإلكترونية أن تضع بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة رمضانية تمتح من عبق التاريخ المغربي وارتباطه بمكونه الصحراوي، وتصول و تجول بنا عبر امتداد هذا التاريخ، في الأثر الذي أحدثه قادة وشيوخ و أدباء وسياسيون وأعلام صحراويون في تراتبية هرم السياسة و الثقافة المغربية، من خلال برنامجكم الرمضاني “أعلام من الصحراء”.
ولن تخضع سلسلة ” أعلام من الصحراء” لتعيير كرونولوجي معين، بقدر ما ستحتكم إلى إشعاع العَلَم المُراد تناولُ نفحاتٍ من سيرتِه و تسليطِ الضوء على أهم الجوانب منها، عبر شهادات حية لباحثين أو أقارب أو مهتمين، أو من خلال استقراء التاريخ دون الخضوع لكرونولوجيا معينة في حكي مناقب شخصياتنا.
سنتطرق في حلقة اليوم من سلسلة “أعلام من الصحراء“، إلى إحدى أهم الشخصيات في تاريخ المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي والإسباني في مدن الصحراء المغربية، والذي شُهد له بالعلم والتدين وتشبثه بوحدة الوطن، كما أنه كان مدرسة متنقلة للقرآن والحديث وعلوم الدين، إنه الشيخ محمد الأغظف بن الشيخ ماء العينين.
توطئة
خلال هذه الحلقة سنعتمد في الحكي عن شخصية الشيخ محمدالأغظف بن الشين ماء العينين، على شهادات حية لحفدته، وهم الشيخ محمد الأغظف شيخ ماء العينين الملقب بـ “شيخنا”، وحسنا سيدي عثمان، الملقب بـ”سيدمان”، علاوة على مواكبة أكاديمية من المتخصص في التاريخ الراهن، الدكتور بارك الله سيد أحمد، وهي التصريحات التي سنجمعها في حكينا عن شخصية اليوم
الولادة والمنشأ
هو الشيخ محمد الأغظف بن الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل بن الشيخ محمد الأمين (الذي غلب عليه شهرة لقبه : مامين ) الشريف الإدريسي الحسني، وقد و لد سنة 1292هـجرية الموافق 1874م بالدار الحمراء بالساقية الحمراء التي لا تبعد عن السمارة إلا بحوالي 18 كيلومترا شمال.
وحسب حفدة شخصية اليوم فقد “تربى الشيخ محمد الأغظف في حضن والده العالم المجاهد الشيخ ماء العينين وفي مدرسته تعلم علوم القرآن، و بعد حفظه نبغ وتبصر في علوم الفقه وأصوله والتفسير والسيرة النبوية وأساليب التربية، وقد شهد له بذلك علماء عصره على مختلف طبقاتهم وتخصصاتهم”، يقول رواة سيرة الشيخ محمد الأغظف، في حديثهم لـ’آشكاين”.
مدرسة متنقلة للقرآن والعلوم
وحسب نفس الرواة فقد “كان من شيوخ العلم و التربية، أسند إليه والده تربية بعض إخوته و كان إخوته يرشدون إليه أبناءهم ليتربوا في كنفه”.
مؤكدين على أنه “كان لا تفارقه في حياة والده و بعدها خيمة متنقلة عبارة عن مدرسة لدراسة القرآن و علومه والحديث وعلومه وأنواع العلوم الإسلامية، وكان يختار لهذه الخيمة الزاوية العلماء المرموقين للانتفاع من علمهم وقد أشار إلى ذلك محمد البوعناني نقلا عن مؤرخين من الأسبان حينما ذكر أول زاوية متنقلة في الصحراء”.
مقاومته للاستعمار
يورد ضيوف “آشكاين” في حكيهم عن شخصية اليوم بأنه “شارك مشاركة فعالة في الجهاد ضد الإستعمار، وبقي صامدا بعد وفاة والده مدافعا عن القيم وفيا لواجباته الدينية والوطنية مخلصا للعرش العلوي المجيد وقد كتب ذلك الأجانب و غيرهم”.
كما كان “دوره في التئام الصف و توحيد الكلمة وتضافر جهود الكل دورا رائعا محمودا أعطى أكله في المناسبات الحاسمة و غيرها”، يسترسل مصدرنا.
نائب خليفة السلطان في الصحراء
وشدد المصدر نفسه على أنه تم تعيين الشيخ محمد الأغظف بن الشيخ ماء العينين خليفة للسلطان في تطوان نائبا عنه في الصحراء بظهير خليفي.
أمر بقصر الصلاة بعد نفي السلطان
ومما ثبت في سيرة الرجل، يقول محدثونا أنه “ساهم بقدر قوي في المقاومة فعندما نفي جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه أمر بقصر الصلاة و الإمتناع عن الإحتفال بالأعياد و عدم إظهار علامات الفرح حتى يعود”
وتابع أنه “انعقد عنده أكبر مؤتمر في أم “الشكاك” حضره أعيان القبائل و أهل الحل والعقد وانبثق منه أكبر وفد عرفته المنطقة يتوجه إلى الرباط لتجديد البيعة، وهكذا استطاع هذا الوفد أن يخترق قوات المحتل لكي يؤدي البيعة للملك محمد الخامس طيب الله ثراه”، يقول رواة “آشكاين”.
مشددين على أنه “بعد تأدية الوفد للبيعة ورجوعه للمنطقة وقعت محاولات جادة لتحرير المنطقة بطريقة سلمية، لكن الاستعمار أصر على موقفه فخيضت معارك من طرف المقاومة و جيش التحرير، وهاجر الشيخ محمد الأغظف مع انسحاب قوات جيش التحرير في عملية المكنسة “إيكوفيون” 1958م”.
وأردف انه “بقدرة قادر استطاع أن ينجيه الله من قوات المستعمرين الفرنسي والإسباني التي هاجمت جوا و برا جيش التحرير و ساكنة المنطقة، وهكذا وصل إلى مدينة الرباط سنة 1958”.
شهادة علال الفاسي فيه
وعن الشهادات فالتي قيلت فيه، يستطرد محدثونا، أنه “قال فيه العلامة الزعيم علال الفاسي:”كان من جملة الوافدين على صاحب الجلالة لتجديد بيعة الصحراء الشيخ محمد الأغظف خليفة الشيخ ماء العينين، الذي قدم من السمارة والعيون في نحو الستمائة خيمة وفي جملة وافرة من علماء تلك الناحية و أشرافها، وقد أقاموا مدة في كلميم ثم دخل منهم إلى محلاته و انتقل الشيخ محمد الأغظف إلى الرباط، حيث حظي بمقابلة جلالة الملك وأكد له بيعته و بيعة مريديه و أتباعه والصحراء عامة، وهو الآن ضيف على جلالته كما كان والده الشيخ ماء العينين ضيفا على جلالة جده مولاي الحسن، و عميه مولاي عبد العزيز و مولاي عبد الحفيظ”.
وفاته
واسترسل المصدر نفسه أنه “بعد حياة مليئة بالجهاد والعطاء العلمي والتربوي، استقر العلامة الفاضل والمربي المناضل والشيخ العامل الشيخ محمد الأغظف بمدينة طانطان، حيث توفي في شهر أكتوبر سنة 1960م”.
موسم ديني ومركب رياضي باسمه
وتابعت المصادر ذاتها أنه “بعد وفاة الشيخ محمد الأغظف بطانطان، أمر الملك الحسن الثاني بإقامة موسم سنوي ديني و اقتصادي و ثقافي عند ضريح هذا الولي الصالح المجاهد بطانطان سمي باسمه اعتبارا لما قدمه من تضحيات جسام وفاء منه للمقدسات الدينية والوطنية”.
وأشار إلى أن “هذا الموسم قد انطلق بصفة رسمية يوم: 05/05/1965م. فأم هذا الموسم جميع ساكنة الصحراء المغربية الساقية الحمراء و وادي الذهب، التي كانت في هذا التاريخ تحت نير الإستعمار الإسباني، كما توافد على هذا الملتقى الديني والإقتصادي زيادة على ساكنة أقاليم المملكة المغربية جميعا و بعض تجار الدول المجاورة وغيرها”.
وكان هذا الموسم مناسبة اغتنمها أبناء الصحراء المغربية الوافدين من الأقاليم المحتلة آنذاك من طرف المستعمر الإسباني للتعبير عن تشبثهم بالبيعة للعرش العلوي المجيد وللجالس عليه. زيادة على ما أعطى هذا الموسم من التواصل و إحياء صلة الرحم و خدمة استكمال الوحدة الوطنية.
“وبعد استرجاع أقاليمنا الجنوبية (الساقية الحمراء ووادي الذهب) إلى الوطن الأم بفضل، عمل الملك الحسن الثاني على زيارة إقليم العيون سنة 1985م وشهدت انطلاق مشاريع كبرى”.
وخلصت مصادرنا إلى أنه “بمناسبة هذه الزيارة الملكية، قام الراحل الحسن الثاني بتدشين مجموعة من المرافق الحيوية التي كان من جملتها المركب الرياضي الكبير بالعيون، فأطلق عليه اسم: “المركب الرياضي الشيخ محمد الأغظف”، حيث مقر زاويته المشهورة بهذه المدينة، و التي لها فروع ومريدون داخل الوطن و خارجه”.
الحلقات السابقة:
أعلام من الصحراء: الأمجد سيداتي..شاعرٌ قاوم الإستعمار الفرنسي بسوس و مات بسقوط طائرته
أعلام من الصحراء: أمغار سعيد..قائد واجه الاحتلال الفرنسي والإسباني بعد نجاته من التسمم
أعلام من الصحراء: البشير بن بابيت..قناص جيش التحرير بالساقية الحمراء
أعلامٌ من الصحراء: بوزيد ولد الرباني..قائدٌ أحْرقت فرنسا أرشيفَها قبل تسليمِه السُّلطة
أعلام من الصحراء: أبّا الشيخ..قائدٌ باع إبِلَهُ لتسليح المُقاومة و وشّحه الحسن الثاني بوسام فارس
أعلام من الصحراء: دحمان..القايد الذي احتضن منزله تأسيس جيش التحرير
أعلام من الصحراء: الباشا البيضاوي..شاعر طريف رافق السلطان مولاي حفيظ في سفره
أعلام من الصحراء: الخرشي..قائد استعصى على ضباط الاستعمار الفرنسي واستقله محمد الخامس
أعْــلام من الصحراء: الجُــماني..رئيسُ “الصحراء” الذي ارتدى سِلْهامَ الحـسن الثاني
أعْــلامٌ من الصحراء: محمد الشكّوطي..عَـيْـنُ المقاومة داخِل ثكنات الجيش الإسباني
أعلام من الصحراء: الداي ولد سيدي بابا.. موريتاني ترأس البرلمان المغربي