2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
يسر جريدة “آشكاين” الإلكترونية أن تضع بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة تاريخية تتقفى أثر العائلات والأسر الصحراوية التي كان لها أثر بليغ في الصحراء المغربية، وذاع اسمها نظير ما بذلته في مجالات مختلفة من الحياة من خلال ركن “عائلات الصحراء”.
سنتطرق في حلقة اليوم إلى عائلة أهل بابي البشير المنتمي لقبيلة تيدرارين، والذي عرف بنباهته وحكمه المتواترة بين أبناء الصحراء، لدرجة أنه لقب بـ”حكيم الصحراء”.
الولادة والنشأة
قال الباحث في التراث اللامادي الحساني، محمد فاضل لفيرس، إن “البشير ولد محمد ولد ميارة ولد سيدي ابراهيم ولد محمد ولد الطالب علي، الملقب بـ”بابي”، فتح عينه ذات يوم من عام 1869، وهو أحد أعلام الصحراء وحكيم زمانه، وينتمي لأحد القبائل الصحراوية المسماة أولاد تيدرارين، وتحديدا إلى عرش أهل الطالب علي”.
وأشار لفيرس إلى أن “هذه القبيلة عرفت بالصلاح والتقوى، ويرجع ينسبها حسب العلماء إلى الأنصار، حيث يتنسبون إلى أحد الصحابة الأجلاء الذين قدموا مع عقبة ابن نافع في فتح المغرب”.
حكم وتنبؤات
ويرى لفيرس، الذي متحدثا لـ”آشكاين”، أن “شخصية “بابي” من أكثر الشخصيات تداولا في مجال الصحراء، حيث اشتهر في كل أرجائها ، وتداولته الألسن واحتفظت به الأجيال، وعرف بحكمه وأقواله التي عبرت عن رؤية استشرافية للمستقبل ، وعن مواقف حكمية ميزت الرجل، وأصبح الواقع يؤكدها فيما بعد يوما بعد يوم”.
وأكد المتحدث أن “بابي البشير نشأ، كغيره من أبناء جيله في حياة بدوية تعتمد على نمط البداوة والترحال وتربية الماشية، مما جعله يتنقل دوما في الصحراء بحثا عن الماء والكلأ”.
ولفت الانتباه إلى أن “بابي البشير، المعروف بالنباهة ورجاحة العقل، تلقى تعليمه المحضري على يد معلمه المسمى سيدي محمد الكولاني، وتعلم على يديه أبجديات القراءة والكتابة، وحفظ ما تيسر من القرآن الحكيم ومتون الفقه، كما تلقى تربية حسنة وتميز بخصال حميدة، جعلته يتميز بشخصية محترمة داخل أوساط القبائل الصحراوية”.
وأردف أن “بابي كان من كبار المَلاَّكين في منطقة بوجدور، حسب ما أكده الباحث الأنتروبولوجي والمؤرخ الإسباني خوليو كارو باروخا، في كاتبه “دراسات صحراوية”.
وفاته
وتابع أن “بابي عاش قرنا امن الزمن، وتوفي رحمه الله سنة 1969، ودفن في مقبرة أهلالزريبة شمال بوجدور، وأصبحت هذه السنة تؤرخ بوفاته، حيث يقال في التاريخ المحلي “عام موت بابي””.
حكم وأقوال بابي
وذكر لفيرس أن “حكم وأقوال بابي ظلت محفوظة في الذاكرة الشعبية لأهل الصحراء، وبقيت الألسن تتداولها عبر الأجيال، وذاع صيت صاحبها المعروف بسداد الرأي والأخلاق الفاضلة”.
ومن بين هذه الحكم والأقوال يسترسل لفيرس، أنه “عندما قال له قائل إن الاحتلال الإسباني اكتشف الفوسفاط، أجابه بابي مباشرة “كام العياط””.
وأضاف أن “من أقواله أيضا أنه تنبأ بمسائل مهمة بقوله: “مزّال لاهي يجيكم ظهر اللبن فلباش، واللبن في الأحواش”. وهذا ما نشاهده الآن، حيث أصبح اللبن يأتي في البوش(جمع اباش أي قنينة) ولبن آخر مربوط في الاحواش، بعدما كانت البهائم تسرح في البادية في فضاء شاسع”.
من أقواله أيضا حسب نفس الباحث “”سوس أقراب وقي التراب”، في إشارة إلى “لاندروفيل”، لاهي يجي ضر الابل شوف لاهي الابل جوف، وغيرها من الأقوال، التي ظهر في المستقبل الذي تلاه أنها وقعت بالفعل”.
وخلص إلى أن “شخصية بابي الحكيم تتميز بالعلاقات المتميزة مع باقي القبائل الصحراوية، كما تميزت بالنباهة وبعد النظر والتبصر”.
الحلقات السابقة
–عائلات من الصحراء: أهل الشيخ بيروك.. عائلة بسطت نفوذها التجاري من وادنون إلى السودان
–عائلات من الصحراء: أهل العرابي..شبكة وكلاء تجاريين مسلمين ويهود بين الصويرة وتمبكتو
–عائلات من الصحراء: أهل بوكَرين.. محافظ صاغ “عقد الخاوة” وأنقذ مدونة زاوية آسا من الضياع
–عائلات من الصحراء: أهل لعريبي.. “خرقت” قاعدة انتماء وامتلكت منازل للكراء بتمبكتو