لماذا وإلى أين ؟

أعلامٌ من الصحراء: محمد العاقب الجكني ..عالم و مُقاوم استقبله السلطان مولاي حفيظ بحفاوة

يسر جريدة “آشكاين” الإلكترونية أن تضع بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة رمضانية تمتح من عبق التاريخ المغربي وارتباطه بمكونه الصحراوي، وتصول و تجول بنا عبر امتداد هذا التاريخ، في الأثر الذي أحدثه قادة وشيوخ و أدباء وسياسيون وأعلام صحراويون في تراتبية هرم السياسة والثقافة المغربية، من خلال برنامجكم الرمضاني “أعلام من الصحراء”.

ولن تخضع سلسلة ” أعلام من الصحراء” لتعيير كرونولوجي معين، بقدر ما ستحتكم إلى إشعاع العَلَم المُراد تناولُ نفحاتٍ من سيرتِه و تسليطِ الضوء على أهم الجوانب منها، عبر شهادات حية لباحثين أو أقارب أو مهتمين، أو من خلال استقراء التاريخ  دون الخضوع لكرونولوجيا معينة في حكي مناقب شخصياتنا.

سنتطرق في حلقة اليوم من سلسلة “أعلام من الصحراء“، إلى شخصية صحراوية، عرف باجتهاده وحرصه على العمل و التتلمذ على يد العلماء، علاوة على مشاركته في المقاومة ضد المستعمر، إنه:  محمد العاقب الجكني.

الولادة والمنشأ

هو “العلامة الكبير الشيخ محمد العاقب بن الشيخ سيدي عبد الله بن سيد أحمد المشهور بمايابى الجكني وأمه هي فاطمة بنت محمد الأمين بن خطار الجكنية، وكان من أكابر سادات العلماء المشهورين وأفاضل مريدي شيخنا العينين الذين بمحاسن الفضائل مذكور؛ وولي نحرير؛ عارف محقق وشاعر”، وفق ما توتر في تعريفه في موسوعة “معلمة المغرب”.

ولد سنة 1275 / 1859م في قرية تكبة بولاية الحوض الغربي التي تقع في موريتانا؛ قرأ القرآن الكريم بن مالك في النحو على والده سيدي عبد الله وعلم القراءات على محمد الأمين بن محمود الجكني وقرأ بعض العلوم الأخرى على الشيخ بن حامني الغلاوي ولازمه مدة، ولما سمع بخبر الشيخ ماء العينين ومكانته العلمية والدينية والروحية “من جهة أبن عمه عبد الله بن باريك وصحابه محمد بن سيدي وابن عبد العزيز وابن حنبوب”.

حرصه على العلم

قدم عليه بمنطقة تيرس “تتلمذ عليه جميع العلوم أذن له في إقراء كل منطوق ومفهوم من المنقول والمعقول  والفروع والأصول وعلم الأسرار على اختلاف انواع الجميع وائتلافه؛ وسمع غير ما مرة يقول إنه ما فعل له ذلك حتى صار يستحق كل ما هنالك”. وكان “له اجتهاد شديد في العبادة واشتغال كثير في الاستفادة والإفادة وهذا ما يؤكده الشيخ مربيه ربه قائلا : “العالم العامل الواصل فصيح النظم والنثر النجم الثاقب محمد العاقب”.

في سنة 1322 هـ/1892 ميلادية صدره الشيخ ماء العينين إلى أهله بعدما “لبث عنده برهة من الزمن وهو في غاية المجاهدة والاستقامة والعبادة”، لكنه ظل دائما يتردد على  حضرته ويردد قولته المشهورة” عرفت عددا كثيرا من العلماء وجادلتهم وحاورتهم ولكنني ما وجدت فيهم من يشفي غليلي في جميع العلوم كالشيخ ماء العينين”.

في سنة 1325 هجرية/ 1906م  قدم على الشيخ ما العينين في مدينة السمارة مهاجرا بعدما بدأ الفرنسيون احتلالهم لبلاد شنقيط ومعه جماعة من عشيرته وبعض إخوته منهم محمد تقي الله ومحمد الخضر ومحمد حبيب الله ومكثوا معه ما يقرب من ثلاث سنوات.

مشاركته في مقاومة المستعمر

وفي هذه الفترة شارك في بعض المعارك الحربية ضد القوات الفرنسية منها معركة دامان في شهر أبريل،  ومعركة كجوجت الثانية في شهر ماي، ومعركة المينان في شهر يونيو من سنة 1908، ونظم أشعارا وأنظاما في الحث على الجهاد.

استقبال مولاي حفيظ له

في سنة 1327 / 1909م أرسله الشيخ ماء العينين رفقة إخوته إلى السلطان مولي عبد الحفيظ في فاس الذي استقبلهم استقبالا كبيرا وأشاد بدورهم العلمي والديني والسياسي وبمواقفهم ‏ الرافضة للخضوع لسيطرة المستعمر الأجنبي؛ ثم توجهوا من عنده بأمر منه وعلى نفقته إلى المشرق لأداء فريضة الحج وبقي معه محمد العاقب وكانت_ بينهما ‏ مناقشات علمية ودينية ومناظرات أدبية كما كانت له علاقات مع عدد من العلماء في مدينة فاس منهم : محمد الكتاني والعلمي اليملاحي وعبد الله القباج ومحمد بن إدريس القادري ومحمد الدباغ ومحمد الوزاني؛ لكن المقام لم يطل به في هذه المدينة العلمية إذ سرعان ما توفي بعد شهور من وصوله إليها ودفن فيها.

مؤلفاته

خلف أعمالا علمية متنوعة منها “نظم نوازل سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم”، و”نظم لالتزامات الحطاب”، و”نظم لقواعد مذهب الإمام مالك”، و”رشف اللمى في شرح كشف العمى”، و”في رسم القرآن الكريم، و”رقم الحفاظ المقصرين في شرح المحتوى الجامع المعين” و”كفاية السعيد في السجود على غير الصعيد”،  و”نشر الطرف في أحكام الشرف” و”مجمع البحرين في 75 شيخنا الشيخ ماء العينين”،  بالإضافة إلى ديوائه الشعري في مختلف ‘الأغراض الشعرية.

الحلقات السابقة:

أعلام من الصحراء: بوغنبور..من أشهر الأولياء الصالحين بالصحراء وسمى كولونيل استعماري ابنه باسمه

أعلام من الصحراء: البغدادي..ضابط في الجيش الفرنسي ولج القصر الملكي

أعلام من الصحراء: بوزاليم محمد..انطلق جيش التحرير من منزله لطرد الإسبان

أعلام من الصحراء: مبارك جوان..برقية مستعجلة تخرج جنرالا استعماريا شهيرا من منزله

أعلامٌ من الصحراء: الشيخ محمد الأغْظف..مدرسة قرآنية متنقلة و نائب خليفة السُّلطان بالصحراء

أعلام من الصحراء: الأمجد سيداتي..شاعرٌ قاوم الإستعمار الفرنسي بسوس و مات بسقوط طائرته

أعلام من الصحراء: أمغار سعيد..قائد واجه الاحتلال الفرنسي والإسباني بعد نجاته من التسمم

أعلام من الصحراء: البشير بن بابيت..قناص جيش التحرير بالساقية الحمراء

أعلامٌ من الصحراء: بوزيد ولد الرباني..قائدٌ أحْرقت فرنسا أرشيفَها قبل تسليمِه السُّلطة

أعلام من الصحراء: أبّا الشيخ..قائدٌ باع إبِلَهُ لتسليح المُقاومة و وشّحه الحسن الثاني بوسام فارس

أعلام من الصحراء: دحمان..القايد الذي احتضن منزله تأسيس جيش التحرير

أعلام من الصحراء: الباشا البيضاوي..شاعر طريف رافق السلطان مولاي حفيظ في سفره

أعلام من الصحراء: الخرشي..قائد استعصى على ضباط الاستعمار الفرنسي واستقله محمد الخامس

أعْــلام من الصحراء: الجُــماني..رئيسُ “الصحراء” الذي ارتدى سِلْهامَ الحـسن الثاني

أعْــلامٌ من الصحراء: محمد الشكّوطي..عَـيْـنُ المقاومة داخِل ثكنات الجيش الإسباني

أعلام من الصحراء: الداي ولد سيدي بابا.. موريتاني ترأس البرلمان المغربي

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x