لماذا وإلى أين ؟

عائلات الصحراء: أهل علي.. عينه السلطان الحسن الأول قائدا لأزوافيط في حركته الثانية لواد نون

يسر جريدة “آشكاين” الإلكترونية  أن تضع بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة تاريخية تتقفى أثر العائلات والأسر الصحراوية التي كان لها أثر بليغ في الصحراء المغربية، وذاع اسمها نظير ما بذلته في مجالات مختلفة من الحياة من خلال ركن  “عائلات الصحراء”.

سنتطرق في حلقة اليوم إلى عائلة أهل علي ولد احماد سالم، والتي عين منها الحسن الأول قائدا لأزوافيط خلال حركته الثانية إلى وادون.

تعيين من طرف السلطان الحسن الأول

وقال الباحث في التاريخ، عبد الهادي المدن، إن “هذه الأسرة بخلاف أسرة أهل لكوري التي لها ثقل اجتماعي  طويل في المنطقة، فأسرة اعلي صعدت في القرن 19 مع الشيخ علي ولد احماد سالم، قبل أن تصل الأسرة إلى ذروة مجدها مع القايد يوسف ولد علي، الذي عينه الحسن الأول قائدا في مجال وادنون، ضمن إصلاحه القائدي الذي أقره إثر حركته الثانية التي وصلت إلى وادنون سنة 1886”.

أولى الإشارات

وأوضح المدن في حديثه لـ”آشكاين”، أن “أسرة علي مرتبطة بالشيخ علي ولد احماد اوسالم التي تستقر في قرية تيغمرت، وتحديدا في قصر آيت الخنوس، وقد وردت أولى الإشارات عن هذا الشيخ والزعيم القبلي عند الرحالة الإسباني خواكين كاتيل، الذي زار المنطقة أواخر القرن 19، ونقل لنا بعض المعلومات عن الشيخ علي ولد احماد وسالم وثقله الاجتماعي، ووصفه بأنه زعيم تكنة”.

وأشار إلى أن “وصف الرحالة الإسباني للشيخ علي بأنه زعيم تكنة يثير تساؤلات، نظرا لأن هذا الرحالة وصل إلى وادنون في مرحلة شهدت فيها المنقطة مجموعة من القلائل الاجتماعية، ذكرها الرحالة بنفسه، شملت الصراع بين قبائل تكنة، وكان يسمع ذوي والطلقات النارية، أثناء مكوثه عند أهل بيروك، وهو ما جعله لا يغادر مقر إقامته خوفا على نفسه، وانتظر إلى أن غادر وادنون نحو الساقية الحمراء”.

ويرى المدن أن “وصف الرحالة الإسباني للشيخ سيدي علي بأنه زعيم تكنة، فيه شيء من المبالغة ومرتبط بظرفية تبوأ فيها الشيخ علي ولد حماد سالم هذه المكانة الاجتماعية كزعيم قبلي”.

علاقته بـ”إيكاون”

ولفت الانتباه إلى أن “الذاكرة المحلية لازالت تحتفظ بالشيخ علي كزعيم قبلي لديه حظرة، وكان مقصودا من طرف “إيكاون”، التي عرفت بارتباطها بزعماء قبليين، حيث يقومون بتمجيد الزعماء مقابل أعطيات كان يغدقون بها على هذه الفئة الاجتماعية”.

وأضاف أن “الذاكرة الجماعية المحلية تحتفظ بقصة للشيخ علي  احماد سالم مع أحد هؤلاء الفنانين، “إيكاون”، من خلال بيت شعري يقول فيه: فتكنة ما كط استخبرت وملانا بيا عالم وخيرت اوخيرت بعلي ولد احماد سالم”، حيث يشكره على أعطيته الجزيلة التي لازلت الذاكرة المحلية تحتفظ بها”.

لحظة مفصلية

وأكد أن “هذا الثقل الرمزي والرأس مال الذي خلفه علي ولد احماد سالم، سيستفيد منه ابنه يوسف، وستأتي اللحظة المفصلية الأخرى عندما وصل الحسن الأول وعين مجموعة من القياد في إطار إصلاحه القائدي الذي جزأ المشيخات في الجنوب، تمهيدا لتحكم أكبر في المنطقة”.

عبد الهادي المدن- الباحث في التاريخ

ولفت الانتباه إلى أن “السلطان الحسن الأول قد عين في أزوافيط مجموعة من القياد، منهم القائد يوسف ولد علي والقائد الزروال في آيت مسعود، والقائد المعطي في أسرير، وأقر محمد احماد سالم الكوري كزعيم وكقائد قبلي في مجال وادنون، بالإَضافة إلى قياد آخرين في فاصك كآبت حماد وآيت لحسن، من القبائل المشكلة لاتحادية تكنة”.

وأردف أن “القائد يوسف ترجم له محمد بن أحمد الإكراري في روضة الأفنان في وفيات الأعيان، رغم أن هذه الترجمة كانت تحتوي لانتقد لشخصية القائد يوسف، لعما أن الفقهاء آنذاك، كما الشعراء، يغدقون بالمديح لمن يعطيهم، ويكيلون بالمديح بالعبارات القدحية لمن يمنع عنهم، وهي ليست قاعدة عامة، مع وجود استثناءات”.

وشدد على أن “الإكراري لم يكن فقيها فقط، بل كان مؤرخا أيضا، ويضم كتابه روضة الأفهام في وفيات الأعيان” مجموعة من التراجم ويعتبر من أوائل كتب التاريخ حول منطقة سوس، إذ ضم مجموعة من المعلومات حول الصحراء وبوابتها وادنون”.

وتابع أن “القائد يوسف ولد علي ولد احماد سالم، تمتع بمكانة داخل النسيج القبلي لأزوافيط ومجال واحة تيغمرت، وهذا ما نجم عنه فيما بعد توسع أسرة أهل علي، سواء ديموغرافيا أو اقتصاديا، من خلال امتلاك مجموعة من الحقول المسقية داخل الواحات أو الأراضي البورية الموجودة في وادنون”.

ونبه أن “أسرة أهل علي صعدت من الصفر، لأن الذاكرة المحلية تربطها بخارج النسيج القبلي لوادنون، وأنها قدمت من مجال عبدة، وهنا يطرح التساؤل عن كيف استطاعت الوصول لهذه المكانة رغم محاولة ربط أصول أهل علي بأنهم دخلاء، ما يعني أن هذا التوصيف قد يكون فيه نوع من الصراع على الزعامة بين المجموعات البشرية، لذلك يجب الحذر من هذه الأحكام، لأن مسألة الحكم على الدخيل والأصيل هي مسألة صعبة إلا في حالة وجود وثائق تاريخية مكتوبة يمكن الاعتماد عليها “.

وخلص إلى أن “أسرة أهل علي تبقى أسرة عريقة، نظرا لاشتغاله كباحث على مجموعة من الوثائق، خاصة منها الظهائر المخزنية التي تتضمن التوقير والاحترام، وظهائر تعيين القائد يوسف كقائد على أزوافيط”.

الحلقات السابقة

عائلات من الصحراء: أهل الشيخ بيروك.. عائلة بسطت نفوذها التجاري من وادنون إلى السودان

عائلات من الصحراء: أهل العرابي..شبكة وكلاء تجاريين مسلمين ويهود بين الصويرة وتمبكتو

عائلات من الصحراء: أهل بوكَرين.. محافظ صاغ “عقد الخاوة” وأنقذ مدونة زاوية آسا من الضياع 

عائلات من الصحراء: أهل لعريبي.. “خرقت” قاعدة انتماء وامتلكت منازل للكراء بتمبكتو

-عائلات الصحراء: أهل المامي..شاعر ومُـفــتٍ عارض السيـبة

-عائلات الصحراء: أهل دحمان.. أول نائب برلماني عن دائرة كلميم

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x