عائلات الصحراء: أهل حيبلتي.. أسرة هَـجّرها الانفصاليون قسرا إلى تندوف وعادت لتجديد مبايعة الملك

يسر جريدة “آشكاين” الإلكترونية  أن تضع بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة تاريخية تتقفى أثر العائلات والأسر الصحراوية التي كان لها أثر بليغ في الصحراء المغربية، وذاع اسمها نظير ما بذلته في مجالات مختلفة من الحياة من خلال ركن  “عائلات الصحراء”.

سنتطرق في حلقة اليوم إلى عائلة أهل الشيخ محمد عبد القادر حيبلتي، وقصة تهجيرها القسري من الصحراء المغربية، من طرف الإنفصاليين إلى تندوف الجزائرية، قبل أن تعود الأسرة إلى الوطن من أجل تجديد البيعة للملك محمد السادس.

توطئة                               

وترى الباحثة في التاريخ، سعدية بزيز، في حديثها لـ”آشكاين”، أن “البحث بشكل جاد وواثق في أغوار مجاهل الصحراء المترصعة بجبالها وأوديتها وسهولها التي صنعت على مر التاريخ أجيالا من المبدعين سوف لا نعدم الأمثلة الحية بل سنجد الكثير من الكنوز التي لا تزال مدفونة في فيافيها وقَيْعَانِهَا، وإن البحث عن علمائها لنعرف بهم وبعطائهم الكثير، الذي لا يراد بهم سوى الاعتراف والتعريف بهم وبإنتاجاتهم العلمية”.

وأكدت بزيز أن “الحل والترحال وقسوة الطبيعة قد صنعت من أهل حيبلتي أناسا أقوياء قادرين على التحمل مقاتلين شديدي المراس، علماء وحكماء، صوفيين سالكين، ومؤلفين مقتدرين، وحافظين أفذاذ”.

ولفتت الانتباه إلى أن “الهدف من الحديث الأسرة الحيبلتية هو التعريف بعلمائها وإبراز آثارهم العلمية ومحاولة ربطها بالآسر العلمية بهذه الربوع، سواء أو المستقرين أو الوافدين  أو المهاجرين تحت الظروف  السياسية القسرية بالخصوص”.

هجرته القسرية

وقالت بزيز  أن “الهجرة القسرية التي أفرزتها المرحلة التي أعقبت جلاء الاستعمار عن هذا الجزء من الوطن واسترجاع المملكة المغربية لأقاليمها الصحراوية، نتج عنه ظهور حركة انفصالية بدعم من أعداء المغرب”,

وشددت على أن “هذه الحركة الإنفصالية استغلت ظروف الفوضى التي خلفها الاستعمار بتركه فراغا إداريا وأمنيا، مما أتاح فرصة مناسبة استغلها الانفصاليون لتهجير الآلاف من أبناء هذه الجهة وأعيانها نحو التراب الجزائري، ضمن مشروع يرمي إلى إضفاء مصداقية مفتعلة على قادة الانفصال ومن يقف وراءهم، والتسويق لهم على الصعيد الدولي، وكان الشيخ محمد عبد القادر حيبلتي وأسرته من هؤلاء الذين فرض عليهم ظروف الهجرة واللجوء إلى التراب الجزائري ( تندوف)”.

العودة إلى الوطن وتجديد البيعة

وأبرزت بزبز أنه “بعد رحلة التهجير القسري، أبت الأقدار  أن لا  يرحل من هذه الدنيا الفانية – الشيخ محمد عبد القادر حيبلتي –قبل العودة إلى الوطن الغفور الرحيم، وتجديد البيعة التي كانت قائمة، ولكن هذه المرة أمام أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، ضمن وفد يضم أفرادا من أسرته وتلاميذه في 25 أكتوبر سنة 1999 بالرباط، تلبية لنداء الملكي السامي ” إن الوطن غفور رحيم ” فقدم إلى قصر الملكي بإفران، حيث قدم باسم زاويته ونيابة عن أبناءه وأتباعه ومريديه في الداخل والخارج  لتقديم نص البيعة لصاحب الجلالة”.

أهمية الأسرة

واعتبرت سعدية بزبز أن  “الحديث عن هذه الأسرة ذو أهمية كبرى، نظرا للضرورة التي تفرضها  برامج أو سلسلة التعريف بالأسر الصحراوية، وكذلك  البحث عن أسر العلمية والتعريف بها، كي لا تضيع حلقة ذات أهمية من تاريخ السلاسل المهمة في هذا المجال”.

وتابعت أن “هناك شخصيات ولدت في أعماق الصحراء القاحلة وبرزت بعلومها وأعمالها وصنعت الكثير، لكنها توارت عن الذاكرة تحت رمال النسيان والإهمال، نظرا لعدم الاهتمام بها وبما تركته من إرث علمي وإنساني واجتماعي يستحق سبر أغواره”.

وخلصت إلى  أن “ما عرفه هذا المجال من هزات كانت نتائجها الحتمية وخيمة تراجع معها الإشعاع الثقافي خلال القرنين الماضين، خاصة أمام ما تعرضت له المؤسسات الدينية العلمية التقليدية، الزوايا والمحاضر، من هجمة استعمارية تبشيرية استهدفت مؤسسة إمارة المؤمنين، وجعل العلم وقيمه رمز سيئا، على خلفية أن العلماء ومؤسساتهم كانوا السباقين في تنظيم الجهاد ضد المستعمر، وحملوا مشعل العلم ونشره في كل مكان وزاوية من هذه الصحراء”.