لماذا وإلى أين ؟

عائلات الصحراء: أهل عبيد الزهري.. مقاوم نسق اجتماعات سرية لاستقبال السلطان محمد الخامس بفرنسا

يسر جريدة “آشكاين” الإلكترونية  أن تضع بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة تاريخية تتقفى أثر العائلات والأسر الصحراوية التي كان لها أثر بليغ في الصحراء المغربية، وذاع اسمها نظير ما بذلته في مجالات مختلفة من الحياة من خلال ركن  “عائلات الصحراء “.

سنتطرق في حلقة اليوم إلى عائلة أهل عبيد الزهري الملقب بـ”عبيد الصحراوي”، من خلال مساهمته في المقاومة وتأسيس الخلايا السرية لجيش التحرير وما تلا ذلك من استقبال ملكي له عربون اعتراف لما بذله من أجل الاستقلال.

النشأة والتحاقه بالمقاومة

أفاد المتخصص في التاريخ الراهن، بارك الله سيد أحمد، أن “المرحوم عبيد الزهري أو عبيد الصحراوي، كما كان يلقبه رفاقه صفة مقاوم إبان أيام المقاومة، مقاوم بمنطقة واد نون من حيث كافح ودافع عن استقلال البلاد بانخراطه المبكر في المقاومة وجيش التحرير وهو في ريعان شبابه”.

وقال بارك الله إن “عبيد الصحراوي ولد سنة 1931 ميلادية بمنطقة أسرير إقليم كلميم من والدته لحبيبة بنت علي ووالده أعبيد بن علي ابن المحجوب، ترعرع بين أسرته وتعلم القرآن وعلومَه إلى أن بلغ سن الرشد، ثم رحل إلى خارج المغرب بحثا عن العمل”.

المتخصص في التاريخ الراهن، بارك الله سيدأحمد

وأضاف أنه “كان عاملا مهاجرا خلال فترة الكفاح الوطني، ويعد من بين الشباب الأوائل الذين انضموا إلى صفوف المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي، إذ شارك إلى جانب مقاومين آخرين في العديد من العمليات الفدائية”.

انضمامه لحزب الاستقلال

وتابع أن “عبيد الصحراوي التحق بالديار الفرنسية  سنة 1948ميلادية، وبحلول سنة 1949 ميلادية انخرط في حزب الاستقلال، بحكم تواصله اليومي واحتكاكه بنخبة من الطلبة المغاربة الذين يتابعون دراساتهم العليا آنذاك بباريس؛ ومن بينهم صديقه عمر ولد محمد سالم الكحل ومولاي أحمد العلوي وامحمد الدويري، وغيرهم”.

وأشار إلى أن “عبيد الصحراوي رحمه الله كان حريصا على حضور كل الاجتماعات التي كانت تخصص للتداول في الشؤون الوطنية التي يشهدها المغرب آنذاك، والتي يعقدها الطلبة المغاربة بباريس بنادي سان ميشيل، في جو يسوده الحماس والتعطش إلى الحرية والاستقلال”.

منسق اجتماعات سرية لاستقبال السلطان محمد الخامس

ومنذ ذلك الحين والمقاوم عبيد الزهري يعمل على توعية زملائه من العمال المغاربة، ويقوم بدور التنسيق بين فئتي الطلبة والعمال بالمهجر لتنظيم الندوات والاجتماعات السرية، وقد توج هذا التنسيق بمشاركته إلى جانب إخوانه في تنظيم استقبال السلطان محمد الخامس طيب الله ثراه، بمدينة بوردو أثناء زيارته لفرنسا سنة 1951 ميلادية، وقد اغتنم المقاوم ورفاقه الفرصة للتعبير للفرنسيين في عقر دراهم عن وطنيتهم المغربية الأصيلة وتشبتهم بملكهم”.

عمل نقابي ضد المستعمر

وأردف أن “عبيد الزهري لم يكتف بالعمل السياسي فقط، بل انخرط في العمل النقابي إلى جانب العمال، فقاموا بتنظيم تظاهرة للمطالبة بالحرية النقابية، الشيء الذي أثار حفيظة الفرنسيين، مما دفعهم للتنكيل بالمغاربة والتضييق عليهم”.

نفي السلطان محمد الخامس وتأسيس مجلس مقاومة سري

ولفت بارك الله الانتباه إلى أن “المقاوم ورفاقه استمروا في تحمل المضايقات إلى أن امتدت يد المستعمر الغاشم فتم نفي السلطان محمد الخامس وأسرته الملكية الشريفة سنة 1953 ميلادية، وقرر عبيد الزهري مع بعض رفاقه الالتحاق بمدينة الدار البيضاء، حيث كانت عودته إلى المغرب من أجل المشاركة في الدفاع عن استقلال البلاد ومد المقاومة بالدعم من سلاح ومال، حيث اتصل بالشهيد محمد الزرقطوني والبصري ومولاي عبد السلام الجبلي وحسن الأعرج، كما قاموا بتأسيس مجلس المقاومة السرية برئاسة الشهيد محمد الزرقطوني”.

“وبعد تأسيس المجلس وإحداث خلايا المقاومة السرية في مختلف أنحاء البلاد”، يسترسل محدثنا “بدأ العمل الفدائي فعليا، وقد شارك المقاوم الزهري في عدة عمليات ناجحة ضد المستعمر سواء بالدار البيضاء أو في مراكش”.

استقبال الملك الحسن الثاني لك

وأكد الباحث ذاته أن “المقاوم عبيد الصحراوي استمر على هذه الحال إلى حدود سنة 1954 ميلادية، فالتحق بمدينة سيدي افني ومنها إلى مدينة تطوان لينضم إلى جيش التحرير بالشمال، وعمل به برتبة قائد المائة إلى غاية 1956 ميلادية، حيث انتقل إلى مدينة أكادير”.

ونبه إلى أن “ولي العهد مولاي الحسن آنذاك، استقبله وعينه من حملة الضباط العشرة برتبة ملازم أول، وبعد ذلك شعر هذا المقاوم عبيد الصحراوي بأن الاستقلال لم يتم لأن أجزاء من التراب الوطني مازالت مستعمرة، وقام بالالتحاق بجيش التحرير بالجنوب، حيث كان عضوا بقيادته العليا، وبقي به إلى أن انضم جيش التحرير إلى صفوف القوات المسلحة الملكية سنة 1960 ميلادية”.

وفاته

وخلص بارك الله إلى أن “المقاوم عبيد الزهري عرف بزهده في الحياة، وصلابة مواقفه وتشبته بمبادئه التي كان يؤمن بها، والتي ناضل من أجلها إلى أن توفي رحمه الله في 09 يوليوز 1988 ميلادية عن سن يناهز 58 سنة”.

الحلقات السابقة

عائلات من الصحراء: أهل الشيخ بيروك.. عائلة بسطت نفوذها التجاري من وادنون إلى السودان

عائلات من الصحراء: أهل العرابي..شبكة وكلاء تجاريين مسلمين ويهود بين الصويرة وتمبكتو

عائلات من الصحراء: أهل بوكَرين.. محافظ صاغ “عقد الخاوة” وأنقذ مدونة زاوية آسا من الضياع 

عائلات من الصحراء: أهل لعريبي.. “خرقت” قاعدة انتماء وامتلكت منازل للكراء بتمبكتو

-عائلات الصحراء: أهل المامي..شاعر ومُـفــتٍ عارض السيـبة

-عائلات الصحراء: أهل دحمان.. أول نائب برلماني عن دائرة كلميم

-عائلات الصحراء: أهل حيبلتي.. أسرة هَـجّرها الانفصاليون قسرا إلى تندوف وعادت لتجديد مبايعة الملك

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x